طرقَ مرّة أحدهم باب صداقتي على الفيسبوك بإرسال طلب للصداقة وقبلته ولكن بعد أن دخلتُ صفحته وتأكدت من أن صاحب الاسم ليس شخصية وهميّة،(ظننتُ نفسي شاطرة).
حتى هذه النقطة، لم تشفع لي خبرتي التي تقارب الأربع سنوات على الفيسبوك، فأنجو من مكر الماكرين ووقعت بالفخ أو باللبناني أكلتُ الضرب.
بعد عدة أيام، وجدتُ منّهُ رسالة في ال (Inbox) يقول لي فيها، بأنه مطرب وطني ويغني الأناشيد الوطنية ولكن يحتاج لقصيدة ودعم حتى يحقق طموحه.
قلت له: هذا من دواعي سروري، وأتشرّف أن أكتبُ لك قصيدة وأدعمك، وهكذا أكون قد خطوتُ أول خطوة حقيقية لي أدعمُ فيها الطاقات العربية الشابة.
وقلتُ في نفسي: سأكون سعيدة أكثر، إذا كتبتُ قصيدة عربية الهوية والهوى لا تفرق بين عِرق أو هويّة أو دين.
من خلال عشقي أنا لكل الأرض، لم أحصر نفسي بجنسيتي الأم، فقلت في حوار سابق مع صحافي في لبنان عن سوزان عون (وبكل تواضع)، هي شاعرة أممية رسالتها الكلمة، وهويتي الوحيدة جنسيتي الإنسانيّة التي بها أفتخر.
فلا تستهويني أسيجة الوهم والخيال التي وضعها المحتل، فأنا أرى الأرض، كلّ الأرض، بلدا واحدا كالجسد الواحد، هكذا أحدّث نفسي دوماً.
المهم بلا إطالة عليكم بالمقدمة، كتبتُ للمطرب الصاعد قصيدة جميلة عن بلادنا العربية والنزوح والمخيمات وكل ما يرفع الصوت ليوصل الصرخة والوجع وأسميتها (نازحٌ أنا)
وهذا مقطع منها..
نازح أنا
أُفتشُ عن أقربِ معبرٍ
لبيتٍ أمين.
أدّقُ أبواباً صامتة
أبحثُ عن مجّراتٍ آهلةٍ
بالحب والحنين
مذ حُرمتُ أرضي
أحلمُ بتاريخٍ يحفظني من بئس المعتدين.
للنص تتمة طبعاً.
وأرسلتها له وأنتظرتُ الرّد ورأيّه على أحرّ من الجمر.
وجاء الرّد أخيرا، رّد عليّ برسالة ركيكة الكلمات، واللغة المكتوبة فيها، أبعد عن اللغة العربية، بُعد الشرق عن الغرب.
قال بالرسالة، بأن القصيدة أطارت عقل الملحن من جمال كلماتها ولكن الكلمات صعبة، فهل بالإمكان تخفيف فصاحة الكلمات لكي أغنيها بسهولة أكثر؟
فأجبته، ولمَ لا، المهم أن أراكَ مطرباً مشهوراً، يغني قضية وطنه، ويبثُ فنّه في كلّ مكان.
أرسلنا القصيدة (المخفّفة المنشور جزء منها أعلاه، أخذها مني ورحل سريعاً دون أن يشكرني، والأدهى أنه حظرني، والحظر بلغة الفيسبوك لمن لا يعرف، هو قطع صلتك بالشخص المحظور تماماً، وأنا لم يتسنى لي حتى حفظ اسمه أو أن أتذكر شكله.
هذا هو الفيسبوك وهذه هي أساليب الكثيرين من المدّعين للشهرة، فشهرتهم تقوم على ظهور الآخرين.
ومرّات عدّة سُرقتْ كتابات ونصوص وقصائد لشعراء عظماء ونشرت بأسماء السارقين الوهميّة لجذب بعض السيدات صاحبات القلب الضعيف أمام سيل الغزل والشعر والأدب (المسروق)، وهذه سيئة أخرى تضاف للمواقع الإلكترونيّة، إذ سهّلت نشر الفساد الأخلاقي بشكلٍ مرعب.
البشرية بكل أصنافها، المعذبة والسليمة السعيدة، تتجلى على صفحات الفيسبوك وتجدها بكل أنواعها على الفيسبوك وكل الوسائل الإجتماعيّة المتاحة.
فعلى الفيسبوك ترى الشعراء والفنانين والمثقفين والثوريين وكل ما هبّ ودبّ.
وهذا يعمل ويجّد بنفسه لينتج إصدارات ومنشورات جميلة، وفي المقابل هناك من لا يحترم حقوق الإنسان وحقوق النشر، فيستولي على تعب الآخرين بدون استئذان أو ذكر المصدر.
وأنا أرى ذلك مشكلة كبيرة وخطيرة على المستوى البعيد، لأن هذه الإبداعات ستضيع على يد من لا يفقه للكلمة أو اللون، وتندثر العلوم بين صادق وكاذب.
فليس كلّ ما ينشر على الأنترنت صحيحا، فمعظمه مسروق أو مفبرك.
هذا يكذب على هذا، وهذا يحارب ذاك، حرب من نوع جديد، سلاحها الفيديوات المنتشرة بيننا، ويُسوّق لها الواتساب بطريقة جنونيَة، بلا رقيب أو حسيب، والكثيرين ممن يصلهم رسائل صوتية أو مكتوبة، يقومون بإرسالها لكل أصدقائهم من دون التأكد من صحتها وصوابها.
هنا تضيع المعلومة الصادقة التي تعب من أجل إيجادها الكثير من المبدعين والعلماء السابقين والحاليين، وتنتشر فوضى خلاّقة جديدة وجاهلة، وهنا أيضا تضيع الفرصة من تطوير أي اكتشاف بمصداقيّة إذا ظل الأمر على هذا الحال واختلاط الحابل بالنابل.
لذا إذا استمر الوضع على هذا الحال، سيكون القادم أخطر مما مضى.
كانت معكم سوزان عون ببث مباشر من موقعها الفيسبوكي.
انتظروني في مقالتي القادمة عن الفيسبوك.
سوزان عون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق