Powered By Blogger

2016-01-31

غرباء بين الوجوه




غرباءٌ نحن بين الوجوه..

أقلَّب ذكراهم، كمن أصابهُ
مسٌّ من وحي.

كحبرٍ مسكوب،
كنهرٍ بلا خلايا.

يجري كمدارٍ رتق،
يعودُ بي لدهاليزَ مقفرة.

وطيور البعد الأزرق،
تحومُ فوق رأسي.

كأنني جزيرة نائية ملقاة،
في مجرةِ العدم.

أسقطُ من الهوّةِ
السوداءِ، كبرقٍ أعمى.

أطرقُ برأسي سطحَ الأرض،
بوجهي ووجعي،
كمسمارٍ باسق.

والموجُ الأخرس يضربُ حافة المرفأ،
تتأرجحُ بعدها زوارق خاطرتي.

بين حفنات من تراب،
بل رحلات كونيّة.

هل أكتبُ بحبر قلبي..

أم أتركُ الأمرَ لسطوةٍ،
تُلّون حياتي بلونٍ بهيج؟

وحين وهلة وظلام،
تعودُ الأسرابُ نحو الأفق.

وتبقى الصرخات المدوّية
التي أوجعتْ رأس السماء.

كأنّهُ قوس الاشتياق
يراودها عن نفسها.

حتى الغيمات صرختْ
بِصوتها المضيء.

أشعلتْ رأسي
بوميضها من جديد.

وبين الحنايا وعلى رؤوسِ الأشهاد،
توطّن تعبي بوشاحٍ حول عنقي.

ونموتُ..
ونُدفنُ..

كأنّ أصواتنا سكنتْ،
أو كلماتنا اندثرتْ..

لا يعلمون بأن الجسد ارتفع،
والروح لا زالت حولنا تحوم بوجع.

نعم،
لا زالت..

يرحلون ويزرعون دروبنا،
ذكريات..
ودموع..
وعِبر.

وتومضُ صورهم كنجومٍ
في ليلِ طويل.

فتجتاحنا أشيائهم..
ألوانهم وأصواتهم..
صورهم وكلماتهم..

نتألم أكثر حين نحتاج صدقهم،
وحديثهم..

فما أصعب إفراغ الذاكرة منهم.

رحلوا وتركوا بصماتهم
حيّة تنبض فينا،
ما أوجعها.

كلّ نبضة تثيرُ عاصفة من الحنين،
كدوامةٍ كبيرة..

نسقطُ فيها فندورُ فيها،
أو كطاحونةٍ فقدتِ العنوان،
ونسيها التاريخ.

وتبقى أصواتهم مدوّنات
خالدات على جدران الحضارات،
التي لا تغيبُ الشمسُ عنها أبداً.

وتئنُ في محراب النور،
كنجم ذبيح على أعتاب الكون الفسيح.

سوزان عون

2016-01-27

قرابين العشق قصيدة للعراق



أدنو مِن أزاهيرِ الحضاراتِ،

كطيرٍ نَبتَ لهُ ألفُ جَناح،

لا يقبلُ الموتَ ولا يقبلُ الإخفاق.

يرتوي من غدرانٍ دافئةٍ
لن تهزمَهُ طلقةٌ عمياء.

ولن تَصمَّ آذانَ الفجرِ بِنحيبها
أو أرتعد.

سأعاودُ الرقصَ من جديد.

اتبعْ قلبكَ،
ولا تمنحْ فراشاتِ النورِ
نَقمةَ الاحتراقِ.

أسبغْ على الحريةِ
أهازيجَ النخلةِ الصابرة.
وقرابينُ العشقِ التي
لم ينقطعْ سَكبُها،
وإليك تشتاق.

أنا الوجعُ المدفونُ في كهوفِ الغيرة،
أتحايلُ على زمانِكمُ القصير،
وأفترشُ القلبَ
بِبساطٍ من وجع.

تلمعُ عيناي،
كلما دنوتُمُ مني.
ويخمدُ الأفقُ كجمرةٍ مجنونةٍ
في بقعةِ ماءٍ،
وأنصهر.

نصالُكُمُ الموجِعة،
أحاطتْ بي من كلِّ الجهات،
وأنا الفردوسُ عندَ انسكابي
طُهراً ويراعاً.

أيها الآدمي..
خُذْ من سنّيِ عمري ما تشاء،
وأعدْ لي أنفاسي،
ليقرعَ قاموسيَ الصامتُ من جديدٍ
وأمزقَ الأوراق.

أخرسَني الجفافُ الزاحفُ
مذ عزمتَ على هجري.

مفرداتي حائرةٌ،
تتشكّلُ كغيمٍ مسّهُ الجنون،
أو ريحٍ ضربتْ جزيرةً نائيةً فتبعثرتْ.

ويلٌ للنازحينَ خلفَ
أسرابِ الخيال!!

يجّرونَ خلفهم ذُيولَ الانقطاعِ والمصير.

لن أحزن!!
ولستُ حاقدةً على تاريخي
ولا على أشواقي.

فقلبي لا يرتادُ دهاليزَ مظلمةً،
ولا يرتوي من بحارٍ مالحةٍ،
ولا يراودُ الحياةَ عن نفسها.

أرضي تربةٌ داسها حلمُ الصباح،
خطَّ على جبينها اسمي،
فتكحلتُ كعروسِ الفراتِ الخصيب.

وأظافرُ الليلِ الأسودِ إن أمسكني،
أُفلتُ منه كزئبقٍ متمرد.

أصنعُ من نجماتهِ درباً إلى السماءِ
وأحلّق.

وأرتفعُ مع كلِ استدارةِ قمرٍ
وبوحٍ لعاشقينَ تحتَ سَناه.

أما نحيبُ موتي،
فباتَ على محيطِ اللقاء،
يتجرّعُ مِزاجكَ الساخر،
يَرقُبُ راياتٍ من سديمٍ،
وأنتظر.

ولعينيّ تركعُ قناديلُ المساء.

وآهٍ بعدها،
وصمتٌ مُطبق.
اسمعْ أيها الآدمي..

أنا شوكةٌ داميةٌ في خاصرةِ الحصاد،
أبرعُ كما نَسائمُ الساكنينَ على رمشي.

متوردةٌ يدي في حشاشةِ الصبا،
يقتبسُ مني كلُّ المجادلينَ في أزليّةِ الحب.

أنا عهدُكَ المتّيم بفراستكَ
المعهودة.

أنا من ناداني
زَماني بلادَ الرافدَين.

اسمع..
سيخفقون،
نعم..
سيخفقونَ
وينتصرُ العراق.

سوزان عون

2016-01-25

قصة في كتاب الزمن


عمري صفحات في كتاب الزمن
وحروف كتاباتي كثيرة وعميقة الأثر،
فكل حرف له قصة ولون.
قصة حياتنا هي تجاربنا،
  نجاحنا أو فشلنا.

والفتحة والضمة والكسرة، ما هم 
إلا لمساتنا نضعها لنجّمل بهم ماضينا.
وقد يختلف نوع القلم بين إنسان وآخر
ولكن الكل يكتب، 
 قصد الكتابة أم لم يقصد.
فبمجرد صراخه أول صرخة عند مولده،
يوقع أول حرف
من حروف كتابه وقصته.
أتعلّمَ الكتابة أم لم يتعلّم،
 فهناك من سيقوم بالكتابة عنا
أعرفنا ذلك أم لم نعرف.
قد تختلف قصة كل فرد
فينا، من حيث الطول والعرض،
ومن حيث الجمال واللون.

 ما بين قصة طويلة، 
وقصة قصيرة.
وقد تختلف درجات الإبداع في
صفحات حياتنا عن الآخرين.

فهذا قصة حياته مفرحة
 وذاك قصته حزينة.

وهذا قصته قمة في البساطة
 وهكذا، إلى أن تكتمل فصول القصة
  أو الرواية أو الحياة.

المهم هناك تفاوت واختلافات
 كبيرة بين فئات البشر.
ربما هذا كانت أيامه كقصص ألف ليلة وليلة،
والآخر ربما كانت قصته من قصص ألف ويلة وويلة.
تختلف الحروف، فتختلف معها 
طعم الحياة بين الناس.

فلو تشابهت أيامنا،
  لمتنا مللاً وضجراً.
ولو تشابهت فصول حياتنا مع الآخرين،
 لم نتعلم ممن سبقنا،
ولم تزد محّصلة تجاربنا.

 ولم تمتلئ كتب التاريخ
 بقصص مختلفة طويلة أو مرعبة
 أو ربما جميلة.

المهم..
الحياة رغم ألوانها،
 هناك لوحات رائعة، تستوقفنا لنتأملها،
 ونأخذُ منها أفكاراً وجملاً وعبارات.
 الحياة تجربة نادرة،
 تستحق أن نعيشها.
 في كل أحوالها وأهوالها وألوانها،
 هي هدية الله لنا.
 والروح غالية كما يقولون.
فإن أحببنا أنفسنا،
أحببنا الحياة ومن فيها،
وعلينا أن نحافظ  
على حياتنا وأرواحنا.
لأننا خلق الله على الأرض،
  والروح أمانة داخل أجسادنا.

فأيامنا كمسرحية
، تستحق أن نصفق لها 
 ونتحملها رغم مآسيها.

 نمثلها على خشبة الأيام، 
والمسرح كبير وواسع
 والحضور منّوع.
الحياة كتاب ذو
 فصول شاملة.

نتعلم قراءته في مدرسة الأيام الكبرى
للبنات والبنين
،
 سنقرأه شئنا أم أبينا.
فلنتعلم القراءة جيداً،
لنسهّل عملية القراءة له.
 وإلا، أتعبتنا القراءة وسقطنا
في أول امتحان لنا.

اعذروني
على أفكاري وتقبلوها مني.

ربما  لم تعجبكم فكرتي،
ولكن هذا ما علمتني الحياة إياه.

سوزان عون

2016-01-23

أشرقت طه القطناني


خطّتْ على وجهِ
السماءِ اسمها.

وأسكنتِ القدسَ مذ تنفستْ
حنايا قلبها.

بعد أنْ أشرقتْ كشمسِ
الربيع بِسَكِينَة. 


توسّدتْ كفَّ الأرضِ
تبكي فلسطين.


حملتْ قضيةَ وطنٍ،
للحريةِ يسكنها الحنين. 


وودعتْ الأحبةَ باعتزاز حزينة.

شامخةً ناضلتْ،
ورفعتْ رغم صُغرها
صوتَ المحاصَرين. 


احتضنتْ ترابَ الوطن بشدوٍ،
كجذورِ الزيتون والليمون والتين.


وتركتْ القضيةَ بأيدٍ أمينة.

أشرقت طه،
اسمها غزلٌ للفجرِ ونوره. 


بل أيقونة من فخر،
أرستْ درباً للنضال،
ومجّدتْ وحْيِه. 


أشرقت طه،
اخضرار عينيها سهولٌ ومواسم،
سنابلُ خيرٍ سجينة. 


مهداة لأميرة المناضلات، 
الفلسطينية المجاهدة أشرقت طه.

سوزان عون

2016-01-22

مشوشة أفكاري




مشوّشةٌ أفكاري
كاهتزازِ شجرةٍ في ليلٍ باردٍ.

القمرُ غائبٌ مترددٌ ساكتٌ،
قد أصابهُ التعبُ.

عذرُهُ رحيلٌ جديدٌ قادمٌ.
الهالةُ حولَهُ
من ذهبٍ والنجومُ
 ترقبُهُ بصمتٍ وعتابٍ.

لا تدّعي ما ليسَ بكَ أو لكَ،
ولا تُخبر الجمعَ بأنّكَ
 رواياتٌ من عجبٍ.

أطلقْ صوتكَ ليؤنسَ الفجرَ، 
ألستَ من أشعلَ شمسَ نهارهِ؟

ألا زلتَ تنوي الغِيابَ؟

هذهِ أكُفّي تحملُ سنابلَ العمر
حصدتُها من قصائدِ الشّوقِ الماضي والآتي.

أنا ابنةُ الشمسِ،
وسؤالي عظيمٌ فحواهُ.

وقلبي مُترعٌ بحبّه ونجواهُ،
وعقلي قد تاه بين شوقٍ
وآه.

لا تسأل عني بعد حين،
فدمعي قد جف والرياحين.

سوزان عون