حتى الرمق الأخير تستمطر
سوزان عون أكمام الغمام، حتى الرمق الأخير تضيء شمعة الغسق، حتى الرمق
الأخير ترصد مرآة فجرٍ يختلس عباءة الشمس، وحتى الرمق الأخير نزفت دواة
سوزان اقباس الحروف، فتناسلت حبّاً وشوقاً وعطراً يملأ اكواب السحر.
في راحتيها خبزٌ لأهداب الكواكب، وفي اصغريها ارجوحة
الحصاد الذي يرفل البيادر ذهباً للقصائد، وعلى منكبيها اطياف نجيمات اسدلت
للشعر رداء السكون واولمت للمواسم اعناق السنابل وجعلت مساكب الانتظار
محجاً للشوق وابتسامة تنسج من رموش الريح اثواب الكلمات.
سوزان عون، تدق اجراس الشعر، تدفع الغربة عن الصدور
الظمأى ، ترحل مع المراكب الى حيث للزهر لون وللزرع ثمار وللنغم لحنٌ جميل
وللحروف انامل تسطّر اجمل القصائد.
أقف اليوم امام شاعرةٍ تنازل الريح ولا تغلق الأبواب، تلملم اوراق الزمن لتغزل من عبوره نصوصاً تكسر الحصار بينها وبين دفاتر الضوء.
هي التي حملت للمساء
قناديل تزيّن الأعتاب، هي التي رصّعت ذاكرة الشموس برقصة المناديل، وهي
التي مسحت جبين القصيدة بندى يبلسم ريق العنادل.
سوزان عون كأنني لا ادري ماذا أقول؟
كأني اقحم نفسي في تلاوة قصيدة تدق باب ديوانك، كأنني استبيح حرمة الشعر لأزف حروفي بين طيات سطورك.
فعلى المفارق لك ظلال تحضن الخواطر، وعلى سيف البرق لك أقباس المنائر، وفي طيّ السطور لك طيب القريحة ونعم السرائر.
ألم تقولي: "يوماً ما سأزرع قصائدي على مفارق السنين وروداً وسأقتسم أريجها مع كل المغتربين"؟!
وها نحن هذا المساء يا سوزان نقتسم الفرح ونشهد للألق
ونرى كيف تدلف النيازك الى حبرك السيّال لتأنس الى حبّة من تراب شعرك
البهي، ولترصف من مداميك ابياتك سلّما يعيدها الى شرفة السماء.
هذا المساء جئت املأ السلال من داليات بواكيرها، اسأل الاباريق عن قطرة انعشت شعرها حتى الرمق الأخير.
هذا المساء جئت اشهد لشاعرة آسرة علّقت القوافي اراجيح لطيور الشعر.
وانجبت للصباحات شمساً جديدة اسمها "ليلى حتى الرمق الأخير".
الشاعر انطوان القزي
رئيس تحرير صحيفة التلغراف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق