سأبتعد عنكم, فما أراه حولي من ظلم واضطهاد وقهر للإنسانية لا يُحتمل، ولم أعد قادرة على استيعابه.
الألم والمعاناة والوجع والقتل والأطنان من هذه المفردات، باتت منتشرة في كل مكان.
عدا عن الخداع والغش والكذب والنفاق، وقلّة الوازع الديني والخُلقي، وغيابٍ تامٍ للضمير.
ربما إذا أغلقتُ عينيّ عن كل هذا، أعودُ للكتابة الجميلة مجددا، وأكتبُ عن
الأمل والتفاؤل والحب والجمال والسلام وكلّي ثقة ( ولو في الخيال) بأن
هناك أماكن تجد كل ذلك وتعيشُ فيه.
نعم أنا أفتقدُ كلّ هذه المعاني السامية من حولي، أفتقدُ المبتسمين، أفتقدُ الإنسان.
فأينكَ يا أخي وأينكِ يا أختي، عودوا بالله عليكم.
أعيدوا الفرح والسرور لوجه الأرض، ووزعوه بالقسط والعدل بينكم.
لا تقولوا عني هاربة أو يائسة أو ضعيفة، بل متألمة، مجروحة لأقصى الحدود.
عذرا منكم واغفروا لي وجعي ودموعي.
اغفروا لي ألمي على غياب الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والمدني الخ وحدّث بلا حرج.
اغفروا لي بكائي ودموعي على الأخ الذي ينحرُ أخيه ويتشفّى به ويمزّقهُ بيديهِ وأسنانهِ بشراسة. ولماذا؟
لأجل الله؟ ولأجل الدين، فهل يعقل ذلك؟
هل طريقنا لمعرفة الله مُعبّد بكلّ هذه الأفعال والدماء؟
لا وألف لا.
لا وألف لا.
وحاشا للرحمان الرحيم أن يقبل بذلك.
حاشا للرحمن أن يطلبُ منّا ذلك أو يرضى لنا الأذى، وهو من قال لنا: يا
عبادي، أنا لا أنظر إلى أشكالكم ولا إلى ألوانكم، بل أنظرُ إلى قلوبكم،
وأكرمكم عند الله أتقاكم.
وهو من قال للرسول محمد صلّ الله عليه وعلى آله الأطهار، وإنّك لعلى خلقٍ عظيم.
والله من طلب من السيد المسيح أن يعيش مع الفقراء ويحمل همومهم ويعالج مشاكلهم.
أين نحن اليوم من سيرة كل الأنبياء والمرسلين؟
اغفروا لي حزني على سحق حريّة المرأة واغتصاب النساء والأطفال، وسجن حرية الأفراد والمجتمعات في أقبية الجهل والفقر والتخلف.
اغفروا لي بكائي على شبابٍ تُقتلُ وتُمزّقُ أشلاءا وهي في عمر الزهور والربيع.
ماذا أقول لكم بعد، هناك الكثير مما أدمى قلبي، وجعلني أشعر بأننا نعيش في غابة كبيرة، الكبير يلتهم الصغير والوحوش أسيادها.
لن أقول أكثر، فلو أردتُ أن أحصي ما يجري، لمتُ وأنا لم أنهي ما أريد قوله.
فإذا لم تجدوا صفحتي يوما ما، فسامحوني، فأنا أعرف بأنكم يا أصدقائي أوفياء.
سوزان عون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق