Powered By Blogger

2016-07-04

صديقي والبطيخ





وقفنا سوياً أنا وأستاذ اللغة العربية حول طاولة الطعام أو ما يسمى بالأجنبية (بوفيه) نتجاذب أطراف الحديث، لم يتعب وهو يحدّثني عن نفسه وعن إنجازاته .
 
صراحة، كان حديثه مملاً، لذا لم أكترث لما يقول.

كان بين القصة والقصة يبتسم لي ابتسامة عريضة، فتظهر أسنانه التي نخرها السوس، فأشيح بوجهي بعيداً عنه نحو الحاضرين لأتابع أيضاً ما يفعلون.

كان كلما سرد موقفاً في قصصه، يمدّ لي يده حاملة قطعة من البطيخ، فأرفع كف يدي للأعلى مشيرة إليه بعدم رغبتي بأكل البطيخ.

أعاد الكرّة أربع مرات، وبإيماءة أخيرة مني، فهِم بأنني لا أريد، ولكنه لم يتوقف إلا بعد أن قلت له بصوت مرتفع نسبياً: لا أريد، أشكرك.

كسر رتابة الموقف، صوت قهقهة عالية، فالتفتُّ نحو الصوت، لأجد شاباً يافعاً وشابة جميلة يضحكان على صديقي والبطيخ.

أزعجني صوت هدير غسالة أوتوماتيكية تهدر بصوت مرتفع، فإذا بها خلفي تماماً وأسند ظهري عليها أيضا 
يا للهول ..
 
كيف يكون ذلك، نحن في سهرة نهاية العام الدراسي للمعلمين والمعلمات، والكل بكامل أناقته.

أخرجني من شرودي، اصطدام عنيف لأحد مقدّمي الطعام وارتطامه بالغسالة، فطارت من يده صينية عليها أكواب من الشاي ومكعبات السكر.

كان سقوطه على الأرض مضحكاً، أضحك الحاضرين عليه بطريقة غير لائقة، تحول بعدها الرجل إلى ديك أبيض نحيل، يصفّق بأجنحته رغبة منه بالطيران 
.
نادتني إحدى المعلمات لتخبرني بأن المدير معجبٌ بثوبي الأسود وأناقتي، فقلت لها:
-
يا إلهي، كيف يعجب بأناقتي وزوجته تقف قريبة منه تراقبه، ماذا سيحدث له بعد الحفل يا ترى؟
لم أكمل جملتي إلا وحدث ما كنت أتوقعه، رأيتُ زوجة المدير تضع إحدى يديها على خاصرتها، ويدها الثانية تهزها بعنف في وجه المدير وهي تردد وتقول له بكل وقاحة وبصوت عال، أن حسابه في البيت عسير، وبأنه لن يأكل البطيخ بعد اليوم .
- صرختُ بأعلى صوتي: اسمعوني،
هل البطيخ مهماً لهذه الدرجة، أرجوكم أجيبوني؟
أنصت الجميع لي والتفتوا نحوي وكأن على رؤوسهم الطير، وبدأت بالحديث عن الوفاء وعن شعوري بالسعادة هذه الليلة، وكأنّ شيئاً لم يكن .

وجدتُ صورة كبيرة لي مضاءة خلف الحضور، واسمي مدوّن تحتها بألوان الطيف الزاهية، احترت بصورتي وباسمي، ما دخلي أنا بالحفل؟

فجاءني صوت من خلفي يهمس لي:
هل نسيتِ بأنكِ أنتِ المديرة؟
من فرحتي الشديدة، ضحكت وضحكت إلى أن بكيت من شدة الفرح.

صحوت من النوم، فوجدت وسادتي مبللة بالدموع وتذكرتُ بأنه كان حلما. 

 من سلسلتي القصصية، كان حلماً. 

 سوزان عون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق