أعطتني أمي هذا الصباح ورقة فيها لائحة طويلة بما تريد من مشتريات لهذا الأسبوع.
تفحصت اللائحة سريعا، لم يلفت نظري من هذه المشتريات، إلا جملة (٢ كيلو فول أخضر).
أخذت الورقة منها، وقبلت يدها وأسرعت بالمشي لكيلا أتأخر عن الدوام، ركبت سيارتي وتوجهت فوراً للمدرسة التي أعمل بها..
وأنا أسير في الممر الموصل لغرفة المدرسين، تضايقت من وزن كيس ضخم أحمله، ولا أعرف كيف توسد ذراعيَّ بدون أن أدري.
رميته خارج الغرفة في أقرب صندوق خشبي كبير بجانب الباب قبل أن أدخل وأجد كل زملائي وزميلاتي في غرفة التدريس يأكلون الفول الأخضر وبدأوا بمعايرتي لأنني لم أجلب لهم كمية تكفي..
ما بكم يا جماعة،
انتظروا،
خرجت مسرعة لخارج الغرفة وفتحت الصندوق وأخرجت كيساً ضخماً فيه ما يشبع قبيلة من الفول الأخضر.
تفضلوا،
وأفرغت الكيس على الطاولة الطويلة التي تتوسط الغرفة ويتحلّق حولها الزملاء.
سمعت نقاشاً حاداً بين أستاذين، تطور الأمر بهما إلى أن يتراشقا بقرون الفول الأخضر وبعد ذلك انقسم المدرّسين والمدرّسات إلى فريقين، وتعالى الصراخ وبدأت المعركة.
خفت أن يصلني من هذا التراشق شيئا، فانسحبت بسرية تامة وبصمت، اختبأت تحت الطاولة الطويلة أنتظر أن يهدأ الحال ويعمّ السلام من جديد لأخرج بدون إصابات.
وأنا تحت الطاولة، رنّ هاتفي المحمول، فإذ بها أمي تسألني لماذا تأخرت..
قلت لها: اليوم عندي حصة في مادة العلوم والدرس سيكون عن النباتات الخضراء..
صوت الهاتف المحمول ورنينه ومحادثتي مع أمي بصوتٍ عال، لفت انتباه المتعاركين حولي، فتوقفوا عن القتال وركعوا جميعهم على الأرض ليسمعوا حواري معها.
خفت من العيون الكثيرة المحملقة بي، لأنها تسمع ما أقوله بإنصات غريب وخفت أن تنتقل المعركة تحت الطاولة..
كان قلبي ينبض بشدة، وكنت أسمع صوت خفقانه بوضوح.
ما بكم يا جماعة، لماذا تتفرجون عليّ بهذا الشكل، قلت لهم.
فردّت عليّ أمي من الهاتف المحمول والتي كانت لا زالت على الطرف الآخر تسمعني فقالت:
سوزان، هذا جزاء من يرمي الفول الأخضر في الصندوق الخشبي ولا يعيره الاهتمام.
فقلت لها: وكيف عرفتِ وأنا لم أخبركِ بشيء بعد؟
فقالت لي: عرفت لوحدي، ارفعي رأسكِ يا سوزان،
أنا بجانبكِ.
ماذا؟؟
رفعتُ رأسي وإذ بأمي تقف بجانبي تبتسم بحنان كبير وتقول لي: صح النوم حبيبتي..
من مجموعتي القصصية، كان حلما.
سوزان عون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق