منْ يعرفُ زوايا الاغتراب،
وعجنَ الرحيلُ ذاكرتها مثلي.
كأنني كنتُ هنا،
أو كأنني ولدتُ هنا،
لا، هناك.
وتاهتْ خلفي خطواتي،
وتاهَ دربي الذي تأرجحَ بين دروب العمر
وما عاد يزعجني.
تُرسلُ لي مع طير الشروق،
لأكتبَ لكَ عن وجهٍ تآلفتُ معه،
وجعلني نجمة تائهة في كون فسيح.
لا تدركُ كمْ عدوتُ مسافات وعبرتُ أزمنة،
وكسرتُ عقارب الصمتِ،
لأهزم الساعات وتجاعيد زماني.
ورميتُ عطوري وأدوات زينتي،
فلا كحل أسود ولا أحمر شفاه
ألطخُ به بسمتي
ولا مرآة تراقب دمعي.
وأخطُّ ربيعي على تربة طاهرة.
يداي محاصرتان بألوان زاهية،
ولوحاتي الجميلة تعاتبني.
لست محبطة،
ولا ضائعة..
أنا اليوم في سن الطفولة الأبدية،
وأرفض أن أموت،
وكَفّي يعصرُ شراباً للقمر.
أتنفسُ نفسا عميقاً،
حتى يدي ضاقت بما تحمل من أقلام.
هل أدوّن اسمي على هذه الأرض،
أم ستقلني عينيك لكواكِبَ أُخَر؟
دعني أرسمُ آخر لوحة،
وبعدها أودعكَ كغيمة
تمطرُ في حضن الحنين.
تلك البقع البيضاء لوحات تنتظرني،
لا ليست غيوماً!!
أنا تاريخ أكتبه بحبور وبصدق،
وبدون كَتَبَةٍ يكذبون.
فلا أصباغ زائفة لوجهي اليتيم.
أزفُّ روحي للحريةِ عند المساء،
وأراقبُ أسرابَ المغادرين والعائدين.
لا يقلقني الغد ولا الموت،
ولا تلك المسافة الفارهة
التي بيني وبين المستقر.
لا أضجرُ ولا أيأسُ.
ففانوس الحلم في يدي،
وسندباد رحلتي لم يقلع بقاربي.
الجزر حولي،
مترفة بكنوز لم تمس بعد.
سوزان عون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق