سوزان عون وبوح الروح
بقلم: صباح محسن كاظم..
في صخب الإغتراب، ولواعجه، وإنتظار الأمل، تتوزع المشاعر الإنسانية بين الوطن الأم والمُستعار، بين الأهل والحنين لمراتع الصبا، بين الإندماج في عالم يصون الكرامة، ويحفظ الحقوق وبين العمل لسد رمق الوجود، حتى تتبلد المشاعر أحياناً باللهاث وراء الساعات المهدورة بالعمل اليومي.
فيما أرى المشاعر عند الشاعرة "سوزان عون" أكثر حيوية، وتتدفق بالأمل، الحب، والروح الوثابة لإخضرارها، وديمومة مشاعرها الرقيقة الحانية، وهي تعزف سمفونية المشاعر النقية ببوحها الشهي في ديوانها –ليلى حتى الرمق الأخير- الذي جسدت به توق الروح للبوح عن مشاعر الحب التي تفيض بصدق ليخترق القلب.
فالكلام العابر لا يتعدى سماعه الأذن فيما ينفذ البوح الشفيف والصادق مسامات القلب لِيعبّر عن الذات الأنثوية ومشاعرها دون زيف أو رياء، تبعث رسائل حب مع أريج الورد لمن تحب في ثنايا الديوان ليفيض بعبق المشاعر الإنسانية المتوقدة بإكتواء الشوق وأنين الروح..
في نص سأثأرُ لغربتي:
مخادعٌة هي الساعاتُ معكَ،
حتى آخرِ التفاتةٍ منّك.
وعنَد تقديمِ القرابين
متغطرسة أسماعُك.
تجلسُ قبالتي،
فتشكو هجرَ السُحبِ لأرضِكَ.
اسمع أيها الصاخبُ كزينةِ الميلاد.
حُضني شجرٌة لا ُتضنِيهِ لعبٌة معّلقة
ولا طفلٌ صغيرٌ يقّلبُ ثنايا مِنديلي ليرتوي.
لو تسمعُ ابتهالاتي،
أو تسبرُ أغوارَ مودتي.
وآه لو أتركُ لكَ نافذة واحدة
لتقفزَ منّها إليّ كلٍص بارع.
شِعري صريعٌ بين يديّ،
أهذّبُه فيأبى إلا الصراخَ.
عَطشٌ لتلكَ الأماني.
دعكَ من أهازيجِ الطفولةِ،
تعال وانضم لجيلِ المراهقين.
تعالَ نبلسمُ أخاديد حفرَها الزمان.
تعال نرتعُ بين حقولٍ وبساتين.
أريدكَ رحيقاً معتّقاً لأستعر،
اشْرِبني إياُه في شراييني،
وبعدها، ليجرِفَني الطوفان.
خذْ منّي عِشقاً متمردا،
فأنا أكثر العصاة لجيل أمي.
ترانيم حب وبوح من أغوار الروح في ثنايا الأقانيم التي تعبق بها تعابير العاطفة والوجدان لترسم أجمل اللوحات الشعرية بصورها الغنّاء، برياض معشوشبة بالفرح والبهجة للقاء الأحبة لترتع بين مرابع الشرايين لتشربه بطوفان المشاعر للقاء.
في ديوانها الثالث، جدائل على أكتاف الحب تتوج "سوزان" تلك العواطف التواقة بشهقات اللقاء الذي ترنو له بوله يحمل دفق المشاعر وبوح العاطفة البيضاء الشهية بنقاء الياسمين وسمر القرب.
ديوان تشع فيه الحروف بلآليء الوجد والتعبير العاطفي الذي سكبته على البياض لِيسرق أضواء الروح نحو البوح الشعري بفيضه العاطفي..
بصري ُيرابطُ على قممِ
الحبِ يتأبط بنياناً..
خذني خطاباً أزلياً،
أو عّلقني شبكةَ صيدٍ بين خُلجانك.
احبسني حوتاً صغيراً في حِجرك،
أو عّلقني قنديلا في ليالي السمر.
سأمر عليكَ في الصباحِ كفلاح
نادتُه الأرض، يزرعُ ويسقي.
بعدها يشهقُ كوليدٍ،
يزحفُ لأول مرة، فلا يموت.
أعشقُ ترابكَ الأزلي،
أسرِقُ أنفاساً عميقة،
أملأ بِها جُعَبِي.
تلكَ القلاداتُ العالقاتُ حولكَ صدِئة، طماعٌة أنا..
أريُد قصيدة لا تموت،
وشاعراً يغرقُ معي ببحورِ الوله.
تعلم كيف تزغرُد الأقحواناتُ عند الفجر،
ليصنعنَ صبابتي.
هل رَضيتَ؟
شفاهي تربٌة خصبة،
نذرُتها لحناً لك.
أما آن أوانُ إيفاِء نذري بعد؟
سأكسرُ أخرَ قارورةٍ من الرواية،
أصبها نارا، وأرفع دخان مواقدي.
في بوحها الشعري تؤكد الشاعرة "سوزان عون" على جدوى القرب وخطوات القلب لتغلق كل الشبابيك وتتناجى الأرواح بأريج ووله المشاعر المكتظة بالحنين عن قرب ليعبر عن الغناء، عن السعادة الإنسانية، لتغرق المشاعر ببحر الحب وحرارته دون عوائق للمسافات والبعد والإنقطاع وجور الأزمنة بعزل الأحبة.
لعل من يقول: أن النص الشعري صورة، ومعنى، ودلالة، وإنزياح، وعمق بالبوح، وتعبير عن خلجات الروح لتعبر عن مكامن الوجع وليس بألفاظ تسطر..
حقاً ذلك، وأجد القدرة الفنية في ديوانها الشعري بالقدرة على تطويع الألفاظ والكلمات والجمل الشعرية بنسق بناء النصوص وهذا من جماليات البوح..
قالت في مسٌ من الشوق:
الحبُ أصابَ سَردي
بّمسٍ من الشوق.
فلا تسترسل بالغناِء لغيري.
ناقمٌة على خطواتٍ
سَنّها الزمانُ وأبعدكَ عني.
فهل هناك في الدنيا أنثى
غيري ُتشبهك؟
ركزت بمعظم نصوصها على موضوعات الوطن –الحب..
ثنائية المشاعر المتبادلة وقد حققت إلى حد ما نجاح في إيصال رسالة مشاعرها الإنسانية وهي ليست هموم ذاتية، بل مشاعر انثوية تجاه من تحب وتمثل مشاعر إنسانية فياضة لم تكتمها بل أطلقت حمائم الروح نحو البوح..
قالت:
ثمرٌة أنا بأريجِ الحقول.
الغربُة القابعُة بين شفتي،
أقحلت صوتي،
فانفخْ عليّ من سمرتِكَ لأتعطر.
أدّسكَ عطراً بين المسافاتِ،
من عسلٍ ورحيق.
أطربني بقصيدة،
ولو كانت وحيدٌة.
رايتُكَ الفوّاحُة،
ربيعٌ وأقحوان.
ترَاقبُ سُحبي فتندثرُ،
من أيّ الغُزاةِ أنت؟
أغزلُ من نجوى العشاقِ
قصائَد تليقُ باسمك.
أدورُ في فراديسِ الروحِ كملاك،
ألتقطُ من كلِّ جنةٍ ثمرًة،
قطوفُها دانيٌة مباركٌة
لا لغوبَ فيها.
مسّها لهبٌ يعانقُ قصصَ الأولين
لن ُتنزُلنا من السماِء.
أبوحُ لطيرِها عن ألمٍ..
ورد في سيرة الشاعرة "سوزان عون"
إنها شغلت منصب مستشارة رابطة العالم العربي والمهجر، ومقرها في فرنسا.
· سفيرة جمعية حواس في أستراليا.
وحصلت على العديد من الشهادات التقديرية التي تعتز بها جداً، ومنها:
• شهادة من رابطة العالم العربي والمهجر في حفل كبير في جامعة إيفري/ فرنسا.
• درع وشهادة تقديرية حصلت عليه أثناء زيارتها إلى لبنان لتوقيع مجموعتها الشعريّة الثانية (ليلى حتى الرمق الأخير) من التيار اللبناني في قصر الأونيسكو.
• شهادة تقديرية وجائزة من مكتبة سماحة العلامة السيد محمد حسين فضل الله بعد فوزها في قصيدة مشاركة بمسابقة ثقافية بين لبنان وأستراليا.
• شهادة تقدير وجائزة ودرع من رابطة البياتي في سيدني، في حفل كبير شارك فيه نخبة من شعراء وأدباء المهجر ومثقفي الجالية العربية في أستراليا.
• حاصلة على المرتبة الأولى من البيت الثقافي عن فئة القصيدة النثرية.
• حاصلة على شهادة تقديرية من وزير التربية جهاد ديب في البرلمان الأسترالي.
• شهادة التميز من نقابة شعراء الزجل من لبنان، استلمتها في البرلمان الأسترالي من نقيب شعراء الزجل الأستاذ جورج ابو انطون.
• درع التميز من جمعية انماء الشعر العربي والزجل اللبناني في أستراليا تقديراً منهم على نشاطها الأدبي وإصداراتها الورقية من الدكتورة المحامية بهية أبو حمد.
• شهادة تقديرية من الدولة اللبنانية من القنصل اللبناني سعادة الأستاذ جورج بيطار.
• ناشطة اجتماعية في أستراليا وشاركت في معظم المهرجانات الثقافية والأمسيات الشعرية بقصائد حسب المناسبات.
كُتب عن إصداراتها العديد من الدراسات النقدية من أكبر شعراء الاغتراب.
نشرت قصائدها في بعض الجرائد الرسمية في أستراليا، وعلى بعض المواقع الإلكترونية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق